قصة حزينة مؤثرة لدرجة البكاء – حكاية

أحلام امرأة توفي زوجها وهي في سن صغيرة، تاركا لها ابنتين توأم.

شاء القدر أن يكون الابنتان مختلفتين تماما في الشكل.. بنت جميلة جدا، بيضاء، تشبه أمها.. والأخرى سوداء اللون، تشبه أبيها، فكان الجميع يلقبونها بالبنت القبيحة، منذ أن ولدت.

تقدم لأحلام كثير من الرجال بعد وفاة زوجها، فتزوجت رجل، كان قد طلق زوجته، وليس معه أولاد.

قبل الزواج بأيام، جلست أحلام مع أمها، وكانت البنتان نائمتين …

أحلام: فاضل يا أمي على الزواج، أيام قليلة، فحبيت أعرفك اني قررت اني مش هاخد البنت دي ! ( تقصد مرام.. التي يلقبونها بالقبيحة )، وهاخد منار.

الأم: يا بنتي هتفرقي بين الأختين !، وتتركي بنتك !!.. ضناكي !

أحلام: يا ماما ما أنا هسيبها معاكي، انتي تربيها..

كل هذا وهم لا يشعرون أن مرام مستيقظة، تغطي وجهها، وتبكي تحت الغطاء، دون أن يشعر أحد، فقد سمعت ذات العشر سنوات، كل ما قالته الأم.

حان وقت الزواج.. استعدت الأم ليوم الفرح، وتزوجت، ورحلت إلى بيت الزوج..

و بعد الزواج بقليل، أخذت الأم منار.. وكان يوم حزين جدا على مرام !، وهي ترى أختها، فرحة وسعيدة، أنها ستذهب لأمها في بيتها الجديد الجميل.

و بعد أن ودعت منار البيت، لم تستطع مرام اخفاء دموعها هذه المرة، التي انهمرت على وجنتيها … وجلست في حجرتها تبكي، رافضة الطعام والشراب.

دخلت إليها الجدة، تمسح دموعها بيديها …

مرام: أنا أحب أمي، وهي لا تحبني !..

و مرضت مرام مرض شديد..

أخذتها الجدة إلى الطبيب، وسهرت الليالي الطويلة، حتى تعافت من مرضها.

ذات يوم، قالت لها جدتها ’’ يا مرام، أنا عاوزاكي تجتهدي في دروسك.. العلم هو اللي هيرفع شأنك، وهتبقي أحسن بنت في العيلة ‘‘..

و جلست الجدة تحدثها عن حلمها بأن تصبح مرام طبيبة، ومرام تنصت باهتمام.

ذهبت الجدة إلى مدرّسة في نفس الجي.. وحكت لها قصة مرام، وقالت لها:

’’ مرام ذكية جدا، أريدك أن تهتمي بها في دراستها ‘‘.

و كانت الاستاذة رجاء سيدة طيبة، لم ترزق أطفال، هي وزوجها، فأوصتها الجدة على مرام، وأنها تخشى عليها من الزمن، وتريد أن تكون مرام ذات شأن كبير

أشفقت الأستاذة رجاء على مرام، واحتضنتها بكل اهتمام، وكانت بعد شرح الدروس، تجلس معها، تحكي لها حكايات عن الأمل، وعن جمال الحياة، وبريق مستقبلها.

فقامت بدور المدرسة والطبيبة النفسية.

كبرت مرام بين أحضان الجدة والأستاذة رجاء، وأصبحت في الصف الثاني الثانوي.

و كانت تأتي أمها أحلام، تزور الجدة، فتشتكي لها من سوء أخلاق زوجها ومن قسوة ابنتها منار، وعدم سماع كلامها … وكانت أحلام تبكي وأمها تهدئ من روعها.

و في يوم من الأيام، أتت أحلام مسرعة إلى بيت الجدة، تبحث عن منار !!!.. فوجدت مفاجاه غريبه جدااا…

سألت أحلام أمها، ألم تأتِ عندك منار ؟!..

الجدة: لم تأتِ منار، لم تاتِ من فترة، إلا معكي !..

بحثت أحــ،ـلام وزوجها عن منــ،ـار في كل مكان، فلم يجــ،ـدوها، وفي المــ،ـساء..

عادت البنت إلى البيت..

الأم بشدة واضطراب: أين كنتي ؟!!

منار: كنت عند صديقتي.

الأم: سألنا كل صديقاتك، ولم نجدك ! …

تصــمت منار قليلا، فأبرحها زوج أمها ضربا، وسـب الأم، وتركهم وخــ،ـرج..

ثم بعد ذلك، أتت صديقة منار إلى الأم، وقالت لها أن مــ،ـنار تذهــ،ـب إلى شــ،ـقق سيئة السمعة

.. عنفتها الأم، وحبستها في البيت، لكن كل ذلك لم يجدِ شيء !.

­ ­ ­نجحت مرام في الصف الثاني الثانوي بتفوق، وفرحت الأستاذة رجاء بتفوقها، وذهبت إليها بهدية جميلة.. وقالت لها ’’ استعدي بئا يا مرام للثانوية العامة، عشان تحققي حلم جدتك ‘‘..

و كان يوما جميلا حقا على الجدة وعلى مرام..

و بعد أيام، قامت مرام من النوم.. رتبت البيت، وأحضت الفطور للجدة كالعادة،

و ذهبت لتوقـظ الجدة من نومها، فلم تستيقظ الجدة..

ظنت مرام أنها متعـبة !! … أسرعت إلى باب الجارة المقابل، فأسرعت الجارة إلى الجدة، فوجـدتها قد فـارقـت الحياة !! … وكانت أصعب صدمة في حياة مرام !

تجـمع الجميع يوم مو ت الجدة، وأتت أحلام وابنتها، وبعض الأقارب.

و بعد اسبوع من الاقامة مع مرام في بيت الجدة، جاءت أحلام إلى الجارة،

و قالت أمام مرام والجميع ’’ خلاص أنا هضـطر آخـذ منار وأمشـي، وخدي بالك انتي من مرام.. حاولي تكوني معاها على طول ‘‘..و ودعت مرام قائلة لها ’’اغلقي الباب على نفسك كويس يا مـرام ‘‘..

و هنا انهـارت مرام في البـكاء، فلم تتوقع أبدا أن تكون أمها بهذه القسوة،

فقالت الجارة لأحلام ’’ لم أتخيل أن تكوني بهذه القسوة !! ‘‘.

جلست الجـارة مع مرام في هذه الليلة، ومرام تبكـي رافـضة الطعام والشراب …

بعد مضي اسبوعين على وفاة الجدة، نزلت صاحبة البيت، وقالت لمرام ’’ خلاص كدا عقد الشقة انتهي، ولا بد أن تتركي الشقة ‘‘..

اسودت الدنيا في وجه مرام، ساءت حالتها النفسية، وجلست تفكر أين تذهب، فشرد ذهنها في كل اتجاه..

و في منتصف الليل، وهي جالسة في الصالة تبكي، دق جرس الباب !..

فاذا بالأستاذة رجاء، فتحت لها مرام، وارتمت في أحضانها، تبكي وتبكي وتبكي،

أستاذة رجاء: اهدئي يا بنيتي الحبيبة، أنا هقول لك على حاجة مهمة جدا.

مرام: ما هي ؟!

أستاذة رجاء: لقد زارتني جدتك قبل أن يتوفاها الله بأسبوع، وقالت أنها تشعر بدنو أجلها، وأوصتني عليكي، فهي تخشى عليكي من الذهاب إلى بيت أمك، و تركت لك أمانة عندي.. وأخرجت الأستاذة رجاء علبة !!..

فتحت مرام العلبة، فوجدتها، عقد من الذهب، غالي الثمن..

بكت مرام بكاء شديد.

أستاذة رجاء: لا تبكي يا حبيبتي، أنا من اليوم، جدتك وأمك وأختك..

هيا يا مرام، اجمعي كل حاجاتك، ملابسك وكتبك، وكل ما يخصك، حتى تنتقلي إلى بيتك الجديد … أنت تعلمي يا مرام، أنا وحيدة وكبرت في السن، وأتمنى أن تأنسي وحدتي.

مرام صامتة، تفكر ماذا تفعل، فهذا بالنسبة لها طوق النجاة، ولكنها تستحي أن تكون عبئا ثقيلا عليها.

انتقلت مرام إلى هذا البيت الهادئ، كانت لها حجرة خاصة جميلة، ما كانت تحلم أن تعيش بها، وضعت كتبها على المكتب، وملابسها في دولاب خاص.

رحبت الأستاذة رجاء واحتفلت بقدومها، وحاولت أن تُدخل على قلبها الصغير، السرور بكل ما تستطيع.

توالت الشهور، حتى بدأت السنة الدراسية.. مرام الآن في الثانوية العامة..

أستاذة رجاء: مرام، احنا خلاص على مشارف أهم سنة في عمرك الدراسي، وأنا سأتفرغ لكي تماما، حتى تحصلي على مجموع كبير، وتحققي حلمي وحلمك وحلم جدتك رحمها الله.. هيا يا مرام، نستعين بالله ونبدأ بهمة عالية، لا تشغلي نفسك بأي شيء سوى دراستك.

حجزت لها الأستاذة رجاء، الدروس عند أمهر المدرسين، واشترت لها جميع الكتب الخاصة، وهيأت لها كل ما تستلزمه دراستها.

كانت مرام تجتهد في دراستها وتوصل الليل بالنهار للمذاكرة، والأستاذة رجاء لا تكل من خدمتها هي وزوجها، الذي كان يوصل مرام لأي مكان تريده، فكان لها نعم الأب، والأستاذة رجاء نعم الأم.­ ­ ­.مرت الشهور سريعا، وأتمت مرام امتحانات الثانوية، وكانت قلقة جدا بشأن النتيجة..

أستاذة رجاء: لا تقلقي يا مرام، إن الله لا يضيع جهد من أحسن عملا، كانت مرام تدعو في صلاتها كثيرا، حتى ليلة النتيجة.. الكل خائف وقلق ومترقب، فالنتيجة غدًا الأحد

يوم السبت ليلا، الأستاذة رجاء تجلس مع مرام في حجرتها، يتجاذبان أطراف الحديث،

و زوجها في حجرته، يشاهد التلفاز، وفجأة، خرج من حجرته، يصيح بصوت عالي

’’ يا مرااام، يا مراام … مبروووك.. مبروووووك !! ‘‘..

قامت الأستاذة رجاء ومرام بسرعة ’’ خير.. خير !! ‘‘..

الزوج: مرام طلعت الثالثة على المحافظة، والوزير سيكرّمها غدًا صباحا..

الأستاذة رجاء، تحتضن مرام، ويبكيان، ولكن بكاءهما هذه المرة، من شدة الفرح.

تدخل مرام كلية الطب، وتحقق الحلم …

مرام: أستاذة رجاء..

أستاذة رجاء مقاطعة: مرام.. قلت لكي قبل ذلك، مرام.. أنا الآن أمك.. فناديني بماما.

مرام: نعم الأم أنتي … ماما ؟

أستاذة رجاء: نعم ؟

مرام: نفسي أذهب إلى بيت أمي !، وأزورها وأفرحها.

أستاذة رجاء: خلاص نذهب غدا مساء.

أتي مساء الغد.. تنزل مرام وأستاذة رجاء، ويأخذهما الزوج في السيارة..

يذهبوا إلى العنوان … يصعدان السلم.. الشقة مغلقة ويعلوها التراب !!!..

تدق أستاذة رجاء على باب الجارة.. فتخرج.. فتسألها رجاء عن السيدة أحلام وابنتها منار..

الجارة: انتوا متعرفوش اللي حصل ؟!!..

تدق أستاذة رجاء على باب الجارة.. فتخرج.. فتسألها رجاء عن السيدة أحلام وابنتها منار..

الجارة: انتوا متعرفوش اللي حصل ؟!!..

مرام بخوف ولهفة: ماذا حدث ؟!

الجارة: زوجها طلقها، بعد ما تبين أن ابنتها سيئة السمعة، وتدخل شقق مشبوهة،

ثم بعد ذلك تراكم عليها إيجار الشقة، فطردتها صاحبة البيت..

تسمع مرام وتشعر بحرقة القلب على أمها وأختها، ونست ما فعلوه بها، ولم يبقى في قلبها الكبير، إلا الحب والرأفة.. ثم تسأل الجارة، ’’ ألم تعلمي إلى أين ذهبوا ؟! ‘‘

الجارة: مشوا من البلد، ولا نعلم إلى أين !.

يرجعوا إلى البيت.. أستاذة رجاء تهدئ من روع مرام، وتقول لها:

’’ الظلم ظلمات، يا مرام، وربك يمهل ولا يهمل ‘‘.

بدأت الدراسة في كلية الطب، أخذت مرام عقد الجدة، لتبيعه.. رفضت الأستاذة رجاء، وقالت لها ’’ يا مرام، نحن أغنياء، والمال مالك، وأنتي الآن ابنتنا، ونحن ملزمون بالإنفاق عليكي، فاحتفظي بعقد جدتك. ‘‘.

أمي ♥، سأظل خادمة لكي العمر كله، ولن أوفيكم حقكم أبدا.

الأستاذة رجاء: الشكر لكي أنتي يا مرام، منحتي حياتنا البهجة والسعادة، وأصبحت عندي بنت دكتورة ♥.

أنتهت مرام الجامعة، بتفوق، وتعينت معيدة بها، وفي يوم تكريمها، وأمام جمع كبير من الناس ; شكرت على الملأ، أمها الغالية رجاء، وأهدتها في ذلك اليوم هدية.

عملت مرام في مستشفى كبير في المدينة، وهناك تقابلك مع دكتورعادل الذي كان يكبرها بثمن سنوات … أحبها وتزوجها، وباركت الأستاذة رجاء هذا الزواج.

انتقلت مرام إلى عش الزوجية، فيلا خاصة بالدكتور عادل، واشترطت مرام على الدكتور عادل، أن يخصص مكان لأمها الأستاذة رجاء ؛ فرحب الرجل

توالت الشهور تلو الشهور، وفي يوم، خرج الزوجان إلى المستشفى، يأخذ دكتور عادل مرام في يده، ويشعر أنه أسعد رجل في العالم، ومرام كذلك..

و على بوابة المستشفى، تجري نحوه بسرعة، ممرضة.. ’’ دكتور عادل، هناك حالة خطرة … فتاة ألقت بنفسها أمام سيارة !، ونريد انقاذها ‘‘..

يجري دكتور عادل إلى حجرة العناية المركزة.

المستشفى كلها تحكي عن هذه الفتاة الجميلة، التي حاولت الانتحار، وعن أمها التي تجلس أمام باب العناية تبكي..

سمعت مرام بحديثهم، فأشفقت عليهم، وذهبت لتشارك زوجها لإنقاذ هذه الفتاة..

دخلت إلى حجرة العناية.. مرام في نفسها ’’ يا إلهي !.. أختي منار !!! ‘‘..

تجري عليها مرام.. ثم تنظر للدكتور عادل !، فيقول لها بحزن ’’ لقد فارقت الحياة ! ‘‘.. تبكي مرام وتخرج من الحجرة، تبكي بحرقة، ولا يدري دكتور عادل لماذا تبكي !.

تذهب إلى الأم التي بخارج العناية تبكي !، بعد سماعها عن موت ابنتها، بتجد الأم يد رقيقة حانية، تحتضنها برفق ! … ترفع أحلام وجهها، لا تصدق..

’’ من !!، مرام ؟!! ‘‘ … تأخذها مرام من يدها المرتعشة، تذهب بها إلى مكان هادئ في المستشفى، وتهدئها..

تأتي الممرضة، ’’ دكتورة مرام، دكتور عادل يسأل عنكي ! ‘‘..

الأم مندهشة، يخالطها شعور الفرح والحزن ’’ مرام !، أنتي دكتور ؟! ‘‘ …

مرام: نعم يا أمي.. سأرجع لكي بعد دقائق معدودة.

تذهب إلى زوجها، وتحكي له ما حدث..

تأخذ مرام أمها، تذهب بها إلى بيتها.. تحكي مرام لأمها عن حياتها منذ تركتها في بيت جدتها، منذ لحظة أن قالت لها ’’ أغلقي على نفسك الباب جيدا ‘‘، وتركتها وهي طفلة وحيدة حزينة تائهة.

بكت الأم بكاء شديد، نادمة على تفريطها في حق مرام ’’ سامحيني يا مرام ‘‘..

مرام بحزن: لا عليكي يا أمي..

صعدت أم مرام إلى الشقة العلوية، التي تسكن فيها أستاذة رجاء، وأمسكت يديها تقبلها، وقالت لها بحزن شديد:

’’ أنا رميت لحمي، وانتي صنتيه !.. مش عارفة أقولك ايه !.. من الآن وصاعدًا، أنا خادمة لكي ولمرام بقية عمري، وأدعو الله أن يغفر لي، وأن يغفر لمنار ويرحمها ‘‘.

تم نشر هذا المقال على موقع بابونج

2023-06-09T16:33:27Z dg43tfdfdgfd